الشيخ محمد عبد الله الوالي في رثاء ابنه الصادق- يرحمهما الله- وددت هنا أن أوضح بعض سيرة الشيخ الراحل العطرة بما تيسر لي من معلومات، فالشيخ محمد عبد الله الوالي قد ولد بقرية فداسي الحليماب بالجزيرة سنة 1916م.
تلقى تعليمه الأولي ودرس القرآن الكريم بفداسي الحليماب.
تلقى علوم اللغة العربية والثقافة الإسلامية من حضوره مجالس المشايخ واطلاعه الخاص فكون لنفسه مكتبة اشتملت على كتب التفسير والحديث والسيرة واللغة العربية وعلوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد.
عمل معلما بالمدارس الأولية والمعاهد الدينية.
أبدى اهتماما بقضايا المزارعين فكتب عشرات المقالات دفاعا عن قضاياهم بصحف الصراحة والرأي العام والجزيرة وحرر في مطالبهم مئات المذكرات.
عمل في تنظيمات المزارعين منذ الخمسينات.
عمل سكرتيرا لاتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل.
مثل المزارعين في مجالس الشعب القومية: الأول، والثاني، والثالث، والرابع.
مثل المزارعين في مجلس إدارة مشروع الجزيرة.
مثل المزارعين في مجلس إدارة البنك الزراعي.
ساهم في نشر التعليم الأهلي بالجزيرة.
اشترك في مجال النهضة التعليمية والعمرانية والصحية بالجزيرة.
اشترك في رحلات المزارعين إلى كل من مصر وسوريا والاتحاد السوفيتي وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا وانجلترا مما أتاح له التعرف على أوضاع المزارعين في مختلف أنحاء العالم.
عين عضوا بمجلس جامعة أم درمان الإسلامية.
عين عضوا بمجلس جامعة الخرطوم.
منحته جامعة الجزيرة الدكتوراة الفخرية سنة 1996م.
توفي إلى رحمة مولاه بقرية فداسي الحليماب في مارس 1990م.
واسمح لي هنا أن أتناول قصيدة الرثاء التي كتبتم عنها بعمودكم بالأمس "وقصيدة للشاعر والأديب الأستاذ الراحل الشيخ محمد عبد الله الوالي أحد فحول الشعراء وكوكبة العلماء ولم يهتم بنشر ما كان يكتبه. افتقد الشيخ الوالي أكبر أبنائه الصادق في عطلة صيفية سوداء. غرق الصادق الذي كان وقتها يتهيأ للعودة من قريته فداسي الحليماب بالقرب من مدينة واد مدني إلى حنتوب حيث كان على موعد، لم يتم، مع عامه النهائي والأخير في مدرستها الثانوية الشهيرة. مات غرقاً في النيل الأزرق عند قريته الوادعة الآمنة فأحال موته وداعة القرية وأمنها حزنا وغضباً عظيمين. كان الصادق فريداً ومتميزاً نبوغاً ومودة وبشاشة وأريحية، ولكن هل كان ذلك يوماً سبباً لدفع المنية؟ والقصيدة كما ذكرتم قد عبرت عن موهبة شعرية عظيمة ولغة مدهشة وتناول عميق له دلالاته وصوره وتماثله مع الحدث الفاجع، بخط درامي متصاعد، له من الضعف الإنساني النبيل نصيب كما ذكرتم ومن القبول والرضا وموالاة الصبر قدر أعظم، مناجاة بين أمل مزروع، وحصاد محتوم فلنقرأ:
أمل تبدد فاستحال ســــــراباً
ومنىً كذبن وكن قبـــــل عذاباً
وزخيرة نفذت وكنت أعــدُّهــا
للحادثات فعشت بعد مصـــــابا
ابني الذي أعددته وزخرتـــــه
للنـــــائبات مهنداً وكتـــابا
دارت عليه رحى المنية فجـــأة
ودعتــــه نحو رحابها فأجابــا
أو:
يا نيل قالـوا إن ماءك نعمـــة
يهب الحياة ســـــعادة وشــبابا
يغشى اليباب فيستـــحيل مواته
روضاً يرف أزاهـــــراً وخلابا
ما بال مائك عمَّ روض سعادتــي
فأحاله بعـد الحياة يبابـــــــا
* سأعود بتفصيل أكثر وتناول أعمق وأنا بصدد الحصول على بعض موروث الراحل الشعري، وشكراً لك وأنت تستكشف لنا مكنون الدرر، وقد كتبتم أن الشيخ هو أحد فحول الشعراء وكوكبة العلماء ولم يهتم بنشر ما كان يكتبه. وتضيىء معالم تاريخ الأدب والثقافة بسيرة أفذاذ تواروا عن النشر والانتشار رغم مقدراتهم الهائلة.
أخوكم أبو الميمين